الوجه الاخر .............!!

السلام عليكم

الوجه الاخر

طوال سبع سنوات كاملة قضيتها
بالسجن ظل صديقى اللدود مداوما على زيارتى فى كل ميعاد زيارة.. ابدا لم
يهملنى ولو لمرة واحدة بعد ان تم اهمالى من قبل الجميع..
دخلت السجن فى جريمة .. لا هى جريمة اخلاقية.. ولا هى جريمة انسانية
..دخلت السجن لسبب اعتبره الجميع فلسفى بحت .. دخلت لاننى رفضت معنى
الانسانية فى حكومة بلدى .. رفضت ان يكون الانسان مجرد رقم .. يسبقه عدد
من الارقام ويتلوه كم اخر ..
من اجل هذا الرفض ضاع من عمرى سبع سنوات .. وفارقتنى احب انسانة الى قلبى
.. وبدلا من عملى كمهندس الات ..عملت كفنى معدات فى ورش السجن ... حتى
الاهل لم يتفهموا ما معنى ان يسجن شخص لسبب فلسفى مثل الذى ذكرته ..فقدت
الحب .. وفقدت الاهل وايضا فقدت المستقبل .. فماذا تبقى لى ..

اهملت رياضتى المفضلة .. واهملت قراءاتى الفلسفية .. اهملت كتاباتى الشعرية .. فارقت كل ما كان يجعلنى سعيدا..
حاولت ان اقنع نفسى بالموت حتى استطيع التغلب على ايام السجن الكئيبة ولكن كل ما حولى كان لا يصر دائما على اننى لازلت حيا ....

هذا هو صديقى الذى ظل يزورنى لسبع سنوات كاملة .. يردد دائما ان الحياة
كانت من الممكن جدا ان تسير بشكل افضل مما كنت اتصوره .. كان دائما ما
يؤكد ان الحياة فى صفه تماما !!
فكنت بعض اوقات اشعر بالغيرة .. فصديقى هذا لم تكن له ايه اراء سياسية ..
اويحمل اى اتجاه سلبيا كان او ايجابيا تجاه اى من القضايا .. لم يكن مؤيدا
ولا معارضا ..... لم يرفض ولم يقبل .. لم يأمل فى ما هو افضل ولم ييأس من
اصلاح ما هو موجود .. كان المثل يمشى على قدمين " ماشى جمب الحيط "

ولكنه كان صديقى
كان برغم كل اختلافاتى معه بالنهاية صديقى .. ودودا محبا مخلصا ..

اليوم هو اول ايام الحرية لى من جديد
رايت ضوء الشمس فأغمضت عيناى بقوة .. وكأننى لم ارها منذ سبع سنوات
تناقضت احاسيسى ما بين خوف واطمئنان .. امل ويأس .. موت وحياة ..

لم افكر كثيرا فى اين اذهب..
فقد كان صديقى هو اول من فكرت به لاقوم بزيارته ..كنت لازلت احتفظ بالعنوان فى ذاكرتى..
كان قد ذكر انه تزوج ..فقلت لايهم من بيت والده بالتأكيد ساستطيع الوصول له ..
كانت الشوارع قد تغيرت بشكل ملحوظ.. ولكن.. هل تغير الانسان ام انه لازال مجرد رقم ؟
كدت العن نفسى حين تذكرت فلسفتى الملعونة التى قذفت بى الى قاع الحياة ..

-:هنا يا استاذ ؟

افقت على صوت سائق التاكسى

احترت قليلا ثم قلت: اه نعم !

-:اشكرك

بسرعة حاسبته ثم نزلت ابحث عن العنوان الذى ابتغيه
بعد بحث طويل وجهد وصلت الى بيت صديقى.. دققت الباب فى ثلاث طرقات متوجسة ..
فوجئت بصديقى هو من يفتح لى !
نظر لى لحظة وصمت
ثم قال:اهلا!
خيل لى للحظة انه لم يعرفنى ؟
فقلت: انا .. صديقك
قاطعنى واحتضننى وقال اعرف اعرف تفضل ..

الى البيت دخلت وجلسنا سويا لم يوجد معه احد غيره .. سئلته عن اباه فقال انه قد توفى وارتحل اخوته الى بلاد النفط العربى ..
وبقى وحيدا !
قلت فى تحرج : طب والمدام والاولاد ؟
قال : اى مدام!
قلت : انت كنت قد ذكرت لى شيىء مثل هذا
قال :فى الحقيقة يا صديقى انا لم اتزوج .. فوجئت برده وتعجبت .. استرسل
يقول .. لم استطع ايجاد عمل مناسب لمدة طويلة .. عملت كفنى ألات فى احدى
ورش تشغيل المعادن .. ولم تصبر حبيبتى معى .. وتركتنى مع اول عربة فارهة
مرت تحت منزلها ..احترفت التجول فى الطرقات حتى حفظتها .. ولم اعد اهوى اى
شيىء.. فارقت كل ما كان يجعلنى سعيدا!
انتهى من عملى واظل اجوب الطرقات حتى تخور قواى اعود فأرتمى على سريرى حتى يأتى يوم جديد او هكذا اقول لنفسى انه كذلك

تناقضت احاسيسى تجاهه ما بين غضب واشفاق
فقلت : ولكن لماذا كذبت على ؟
لقد كنت حتى اشعر بالغيرة منك
قال : كنت اريد ان اعطيك امل فى ما هو افضل
قلت اتعيش الوهم من اجلى ؟!
قال بل اعيش معك الامل لانك صديقى

احتضنته بقوة .. وتحدثنا كثيرا كثيرا ..وبعدها اكتشفت ان صديقى كان يشاركنى السجن ولكنه فقط كان بزنزانة اخرى !!

طبعا الحلاوة دي ملطوشة الوجه الاخر .............!! Fish

بس معرفناش هو كان بياخد معاه عيش وحلاوة لصديقه ولا كان بيروح ايد ورا وايد قدام
ههههههههههههههههههه
لأ بصراحة قصة جميلة جدا

بالعقل يمويمو بيقولك كل يوم تقريبا مش معقوله حيلاحق عليه عيش وحلاوه

وخصوصا انته عارف بأذمه العيش اليومين دول

أخي الحبيب

شكر الله لك وجزاك خير الجزاء..
الصديق وقت الضيق، والصديق من صدقك "القول والعمل" لا من صدقك في القول والعمل، فما أكثر الإخوان حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل..!

جميلة تلك المقارنة بين الزنزانتين.. زنزانة السجن وزنزانة الدنيا رغم أن الثانية أضيق وأصعب وأقسى على الكثيرين، لكن لا تنس أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.

أما أزمة "العيش" فـ "الحلاوة" أن نعود إلى "عجن.. خبز" كي نقنع أولادنا بـ "أكل.. شرب" ثم نعلمهم "كنس.. فرش".. لا تتعجب فقد كانوا يعلموننا ذلك في الابتدائي قبل أن نبتلى بمن يربون الآباء ولا يعلمون الأبناء..!

كي لا أطيل عليك.. نتمنى "نقل" مواقف جميلة كتلك المواقف، والله يسامحك على "لطش" قصص لها مغزى كتلك القصة، والمهم أن نستفيد ونعتبر.. فالعاقل من اعتبر بغيره بدلاً من أن يكون عبرة لغيره.

أخوكم محمد
أبوظبي

» نجيب ساويرس.. الوجه الحقيقي!
» اجابات طالب مروووق على الاخر