بسم الله الرحمن الرحيم نحيا الآن فى عصر مليئ بالصعاب وضغط شديد نظراً لظروف الحياة.... ربما أدت
هذه الضغوط للابتعاد عن المسار الصحيح. فهل لك إذا أدركت أن صبرك على هذه
الضغوط سوف يكون جزاءه الجنة فماذا بك فاعلة؟
ربما تساعدك هذة النماذج على التماسك والصبر كلما ضاقت بك الدائرة، تذكري
أن هناك من هم أسوأ منك حالاً ولا يزيدهم ذلك إلا تماسكاً لأنهم على يقين
بأن ما ينتظرهم أحق أن ينتظر..... فهل نستطيع أن نفوز بجزاء الصابرين؟
دعينا نحاول الآن... وتذكري أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصبر والصابرين عسى الله أن يهون عليك.
الصبر عند الموت:-
ربما كان الموت من أصعب الحالات الإنسانية التى تحرك مشاعر الإنسان.. ربما لأنها تعنى فى الحقيقة الفراق وتحمله والصبر عليه.
والموت لا يقدر على الصبر عليه إلا صادق الإيمان يصعب عليه الفراق لكنه
يطمع في لقاء جنة الفردوس. وليس هناك أشد من فراق الأطفال فهم قرة الأعين.
فإذا كانوا من يأحذون بأيدي آبائهم إلى الجنة، أو ليست هذة رحمة من الله
عز وجل؟
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:- "ما منكن امرأة تقدم بين يديها ثلاثة
من و لدها، إلا كانوا لها حجاباً من النار" قالت امرأة: واثنين؟ قال:
"واثنين" [صحيح الجامع 5805]
ربما كان لها طفلان وتطمع في أن يكونا لها حجاباً من النار.
إذا استرد الله وديعته من أحد عباده وأخذ فلذة كبده ماذا يقول الله للملائكة ........
إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: "قبضتم ولد عبدي؟" فيقولون:
نعم، فيقول: "قبضتم ثمرة فؤاده؟" فيقولون نعم، فيقول: "ماذا قال عبدي؟"
فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: "ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة،
وسموه بيت الحمد" [صحيح الجامع 795]
هذا لفراق الابن، فماذا لو فارقت من تحب؟
ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم:- (يقول الله تعالى: "ما لعبدي
المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل النار، ثم احتسبه إلا الجنة")
[صحيح الجامع 8139]
أي أن الصبر على المصائب يدخل صاحيه الجنة...
الصبر عند المرض:-
عن عطاء بن أبي رباح يقول قال لي ابن عباس: "أتحب أن أوريك امرأة من أهل
الجنة؟" قلت "نعم" قال "تلك المرأة السوداء .. أتت النبي -عليه الصلاة
والسلام- وقالت يارسول الله إني "أصرع" و إني "أتكشف" فادعوا لى الله فقال
لها "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك" فقالت المرأة
أصبر يا رسول الله... فقالت إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا
لها. فكانت تصرع ولا تتكشف فهي من أهل الجنة.
لذة الصبر واستشعار الثواب والأجر:-
يقول ابن مسعود "إن المصائب لا تكثر الحسنات وإنما تكفر السيئات"
عن أحد التابعين يزيد بن ميسرة يقول "إن العبد ليمرض وما له عند الله
خيراً قط فيلقي الله في قلبه وهو يتألم أن عد إلي عبدي.. فأثناء الألم
ربما دمعت عينه رجاء في رحمة الله عز وجل فيخرج من مرضه طاهر من الذنب"
لذلك من السنة عند عيادة المريض أن تقول له "طهور بإذن الله"
أهل الفضل
قال تعالى "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً"
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا
هم و لا حزن، و لا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها
خطاياه" [صحيح الأدب المفرد378]
وعنه صلى الله عليه وسلم: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده
وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة" [صحيح سنن الترمذي 1957]
فلا يشتكي الإنسان بعد ذلك من الابتلاء لأنه مكفر خطاياه، فقد سُئل رسول
الله أي الناس أشد بلاء قال "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الناس على
قدر دينهم فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه وإن الرجل
ليصيبه البلاء حتى يمشي في الناس ما عليه خطيئة" [صحيح الترغيب 3402]
حكمة الابتلاء:-
- رفع الدرجات ومغفرة الذنوب.
- التمييز في الدرجات بين الناس، فإن الله يعلم تصرف كل إنسان عند
الشدائد، ولو حاسبنا بعلمه ما ظلم أحد ولكن من رحمة الله بنا أنه يقيم
الحجة والشهود فتشهد أنت على نفسك.
قال تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين"
- إذا استمرت الحياة هانئة، فسوف تصل إلى مرحلة الغرور والكبر وعدم الاحتياج إلى الله، فمن رحمته سبحانه أن يبتليك حتى تعود إليه.
- لن تشتاق إلى الجنة إلا إذا ذقت مرارة الدنيا فكيف تشتاق للجنة وأنت هانىء في الدنيا؟
- المصائب تذكرك بالمنعم والنعم فتكون سبباً في شكر الله سبحانه على نعمته وحمده.
- إن الله يحب إذا قضى قضاءً أن يُرضى بقضائه.
- يبتليك لتظهر قوة الله عز وجل وتتجلى حين تلجأ إليه فيأخذ بيديك.
نماذج الصابرين:-
*الصحابي عمران بن حصين
جاءه مرض شديد حتى أقعده في الفراش، وظل على هذا الحال أعوام طويلة حتى أن
الناس يدخلون عليه فيبكون رفقة به فينظر إليهم ويقول "ما أحبه الله أحببته"
*امرأة قطعت أصابعها فبعدما قطعت ضحكت فقالوا لها أما تجدين الألم فقالت "حلاوة الثواب أفقدتني مرارة الألم"
*أم سليم زوجة أحد الصحابة "طلحة"
كان لهم ولد واحد وكان يحبانه حباً شديداً ثم مرض وخرج الأب ومات الولد
وذلك كان ليلاً. وهذه الزوجة تعلم مقدار حب زوجها لابنه فأشفقت عليه من
البكاء والحزن ليلاً فلما رجع سألها ما حال الغلام؟ فقالت سكن -هي تقصد
مات وهو فهم أنه نائم فقال الحمد لله، فقامت أم سليم وجهزت العشاء لزوجها
ثم تزينت له في أجمل ما يكون وقضى ليلته ثم في الصباح قالت له "يارجل
أرأيت إن كان لجيراننا عندنا وديعة أنردها لهم؟ قال نعم قالت فإن كان مر
عليها زمن فقال كذلك فهي أحق أن ترد، فقالت أم سليم فاحتسب ابنك فإن الله
استرد وديعته .."
تحملت وحدها الألم واعتصرته فى قلبها حتى لا تؤلمه معها وهو ابنها فلذة
كبدها.. يا سبحان الله إنه الإيمان الذى ملأ قلبها ولا شك فيا له من صبر.
نصائح في الصبر:
- الصبر عند الصدمة الأولى...
أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم على امرأة تبكي على صبي لها فقال لها
"اتقي الله واصبري" فقالت وما تبالي أنت بمصيبتي فقيل لها هذا النبي صلى
الله عليه وسلم فأتته فلم تجد على بابه بوابين فقالت يا رسول الله لم
أعرفك فقال "إنما الصبر عند الصدمة الأولى أو عند أول صدمة" [صحيح سنن أبي
داود 2679]
- أن تقول هذا الدعاء "إنا لله و إنا إليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"
أم سلمة زوجة أحد الصحابة مات زوجها شهيداً في بدر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول
إنا
لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها)؛ إلا
آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها". قالت أم سلمة: فلما مات
أبو سلمة: قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله،
ثم إني قلتها، فأخلف الله لي خيراً منه رسول الله) [صحيح الترغيب 3490]
لذا فلنتمسك بهذا الدعاء عند الصدمة الأولى عسى أن يخلف الله علينا الخير .
- أن يكون الصبر بلا ضجر ولا شكوى.
الصبر على الطاعات:-
ربما استطاع الإنسان أن يصبر على المصائب والمرض، ولكن هل يستطيع الصبر على الطاعات... كيف؟
إذا قررت بينك وبين الله أن تنتظم وتصلي الفجر بعدما علمت من فضل لصلاتها
وحسن الثواب، فهل تستطيع المواظبة ومغالبة الوساوس والتعب وسلطان النوم
صبراً منك على الطاعة لتنال الجزاء مرتين جزاء العبادة وجزاء الصبر عليها؟
يجيب علينا سيدنا إبراهيم عليه السلام فياله من صبر على طاعة الله سبحانه
وتعالى.. أمره الله بذبح ابنه سيدنا إسماعيل فصبر وصدره مليئ بالإيمان
وماذا قال له سيدنا إسماعيل "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من
الصابرين" ليس صبر الأب فقط ولكن ها هو الابن صابراً على قضاء الله ....
إذن لنا أن نخجل من أنفسنا إذا كنا لا نستطيع المحافظة على الصلوات في
أوقاتها أو ركعتي قيام ليل تصلى ليلة في الضيق وتنسى فى الفرج.. عندما
تراودك الوساوس على ترك الانتظام فى الطاعة تذكر طاعة سيدنا إبراهيم
وسيدنا إسماعيل على طاعة الله.. ربما قمت خجلاً من نفسك تطيع الله...
هناك سبعة سوف يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.. السبعة تتوافر فيهم صفة الصبر، نذكر منهم على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر:-
§ إمام عادل: كان يستطيع أن يطغى بسلطانه ولكنه صبر.
§ شاب نشأ فى طاعة الله يقاوم الفتن والمعاصي آملاً في لقاء ربه.
§ رجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم يساره ما أنفقت يمينه فأخفاها عن الناس وصبر عليها حتى يلقى الله.
§ رجلان تحابا فى الله لا يبغيان فائدة أو مصلحة من حبهما سوى معرفة الله والتقرب منه كل منهما يؤازر الآخر في طاعة الله عز وجل .
§ رجلاً ذكر الله خالياً ففاضت عيناه فكتمها في نفسه وصبر حتى يلقى الله لم يخبر بها أحداً.
اصبر على الطاعة حتى ولو لم تجد من يأخذ بيديك.. ربما كسبت مزيداً من الثواب لأن الصبر سوف يكون أصعب.
قصة ماشطة بنت فرعون:-
إذا تحدثنا عن الصبر على الطاعات لا ننسى ماشطة بنت فرعون.. من كتمت إيمانها وعندما اتضح لم تنكره....
كانت تمشط شعر ابنة فرعون فوقع المشط من يدها فقالت بسم الله فقالت لها
ابنة فرعون "أبي" قالت لها الماشطة "ربي وربك ورب أبيك الله" فقالت لها
مرة أخرى "أبي" قالت لها الماشطة "ربي وربك ورب أبيك الله" فقالت لها سوف
أبلغ أبي.. أمر فرعون بإحضار بقرة من النحاس وأشعل فيها النار وسألها ألك
رب غيري؟ فقالت ربي وربك الله.. فقال فرعون ألها أطفال.. قالوا نعم أربعة
ومنهم رضيع.. فأمر بإحضارهم وسألها مرة أخرى ألك إله غيري؟ فقالت ربي وربك
الله.. فأخذ بإلقاء أطفالها واحداً تلو الآخر وفي كل مرة يسألها نفس
السؤال وهي لا تجيب سوى "ربي وربك الله" حتى جاء يلقي برضيعها فأوشكت أن
يخفق قلبها له مشفقة من إلقائه على البقرة الملتهبة.. فإذا بالرضيع ينطق
قائلاً "يا أمي إنك على حق فاصبري"
محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع كل أنواع الصبر:-
جمع سيد الخلق كل أنواع الصبر من بداية كونه يتيماً إلى أن تم تكليفه
بالرسالة، وما عاناه من أذى الناس حتى أنه في آخر أيامه عليه السلام كان
يصلي السنن قاعداً من شدة جهده وبقراءة السيرة النبوية يمكن تتبع مراحل
صبر الرسول عليه السلام.
إذن فعلينا بالصبر فلن يأتي الضجر و الضيق بثمار طيبة...
يقول علي بن أبي طالب "يا دنيا غُري غيري فقد طلقتك ثلاثاً"
و يقول في صبرك دلائل أولها:
- إنك إلى الله راجع
- اليقين بالفرج "إن مع العسر يسراً" أي أن الضيق يلازمه الفرج ولا يتأخر عنه.
- ثواب الله
حوار بين النفس للصبر على المصائب:-
- أنها لم تكن فى ديني
- تذكرت مصيبتي في فقدي للنبي عليه الصلاة والسلام فهانت علي مصيبتي
اللهم إني عاجز عن فعل أي خير إلا بتوفيقك فوفقني للخير.... اللهم إني عاجز عن دفع أي ضر إلا بحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.... اللهم إني أنا العاجز وأنت القوي فقوني
على طاعتك يا قوي.... اللهم إني أنا العبد الذليل فأعزني بعزك يا عزيز..
موضوع: الجنة جزاء الصابرين 
الأحد 22 مارس 2009 - 18:50
