السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
رسالة وصلتني عبر الإيميل ، قرأتها و أحببت ان تقرأوها معي :
حماس المتغطرسة أنهت بحماقة التهدئة التى نعم فيها الشعب فى غزة بالهدوء من أجل مصالح سياسية لحماس
بداية ، التهدئة الى استمرت ستة شهور كان من شروطها أن تتوقف حماس والفصائل عن ضرب الصواريخ مقابل فتح المعابر الاسرائيلية وتحقيق آلية لفتح معبر رفح ، ولكن خلال الستة شهور لم تفتح المعابر إلا بنسبة لا تتعدى 20-30% وبالتالى ظل الشعب فى غزة يعيش كما أرادت اسرائيل : لا هو حى ولا هو ميت ، وفى نفس الوقت التزمت الفصائل بالتهدئة ولم تسجل حالات إطلاق صواريخ خلال شهور التهدئة إلا ردا على اعتداءات اسرائيلية التى خلفت خلال ما تسمى بالتهدئة أكثر من 40 شهيدا بخلاف المرضى الذين قضوا لسوء الرعاية الصحية بالغضافة على عشرات الاجتياحات خلال ما سمى بالتهدئة.
ومع انتهاء شهور التهدئة رأت الفصائل جميعا – وليس حماس وحدها – أن التهدئة قدمت الأمن لإسرائيل مجانا دون مقابل وكانت خسائرها أكبر من مكاسبها حيث ظلت المعاناة كما هى فى غزة بل وازداد الحصار. إذن فما هى قيمة هذه التهدئة؟ وأين هى الراحة التى نعم بها الشعب الفلسطينى ؟ وهل الموت البطيئ يسمى راحة. ومن هنا كان قرار نهاء التهدئة.
ولماذا أنهت حماس التهدئة وهى تعلم أنها غير قادرة على تحمل عواقب هذا القرار الطائش؟
أولا : كما قلنا قرار إنهاء التهدئة لم يكن قرار حماس منفردة بل بإجماع الفصائل
ثانيا : ماذا كان يمكن أن تفعل حماس إزاء التهدئة المجانية ، لقد أصبح الشعب يموت بالبطئ ، فلا كهرباء إلا لساعات قليلة فى اليوم ولا أدوية ولا سفر خارج القطاع للعلاج ولا للدراسة ولا دخول لمستلزمات البناء كافة ، ولا قطع غيار لمحطات الكهرباء .. فقط طعام يمنعك من الموت ولا يكفى للشبع... – اصبحت غزة أكبر سجن فى التاريخ - فهل كان عليها أن تقبل بهذا الموت البطئ ، وإذا كان لابد من الموت فليكن بعزة واستشهاد بدلا من أن تموت منتظرا رغيف خبز من العدو.
حماس السبب فى كل ما جرى ، فهى التى استفزت إسرائيل بصواريخها مما أعطى إسرائيل الحجة فى ضرب غزة.
ما حدث أن حماس أعلنت إنهاء التهدئة ، لكنها لم تعلن الحرب على إسرائيل ، واستمر الوضع خلال الأسبوع الذى سبق القصف كما كان أثناء التهدئة : الصواريخ مقابل الاعتداءات ، وكل ما زاد أنه بعد انتهاء التهدئة كان الرد على الاعتداءات الإسرائيلية أكبر واشد ، مما أعطى انطباعا بأن حماس تستفز إسرائيل ،
وكل المعطيات كانت تشير إلى أن هذا القصف والاجتياح لغزة كان سيحدث لأن مشروع التسوية صار جاهزا ولا توجد عقبة فى طريق هذا المشروع سوى حماس ، فلا بد من إزاحتها
هذه الصواريخ عبثية وتأثيرها محدود ، فما هى الحاجة لمثل هذه الصواريخ التى تعطى إسرائيل الحجة فى قتل الشعب؟.
ومن قال إنها عبثية سوى محمود عباس ومبارك؟ وإذا كانت عبثية فلم كل هذه الضجة من أجل صواريخ عبثية؟
الحقيقة أن هذه الصواريخ هى مفخرة لحماس ولشعب غزة المحاصر ، فالعقول التى أنتجت هذه الصواريخ أوجدت نوعا من توازن الرعب – ولا أقول توازن القوى .
ويمكن أن نقول أن هذه الصواريخ مصدر قوتها فى نقطة ضعفها!! فنقطة ضعفها أن كفاءتها فى إصابة الهدف محدودة ، وهذا صحيح ، لكن بدائية هذه الصواريخ جعل من المستحيل على مضادات الصواريخ المتفدمة التى تملكها إسرائيل أن تكتشفها أو تصدها ، ومن ثم صارت هذه الصواريخ مصدر رعب غير مسبوق فى إسرائيل.... فكيف نقول إنها عبثية؟
ولكنها لا تصيب أهدافا ولا توقع إصابات مؤثرة؟
هذا صحيح جزئيا ، فهى قد توقع خسائر بشرية ومادية بسيطة ، ولكن لماذا ننسى أنها جعلت أكثر من مليون من سكان إسرائيل يعيشون فى الملاجئ كلما دوت صفارات الإنذار فهم لا يعلمون متى تسقط ولا اين تسقط ، ثم لماذا ننسى حجم الخسائر الناتجة عن تعطل الجامعات والمدارس والرعب الذى سببته هذه الصواريخ على جو العمل والاستثمار ، وهل هو أمر هين أن تجعل عدوك يعيش فى رعب؟
تمسك حماس بالسلطة وانقلابها المشئوم فى غزة هو الذى أدى بنا إلى كل هذه المصائب ، فلم لا يتركون السلطة لعباس فهو المقبول دوليا وعربيا وأمريكيا وإسرائيليا؟
إن وصف ما حدث فى غزة فى يونيه 2007 بالانقلاب هو قلب للحقائق .. فحماس هى صاحبة السلطة الشرعية فى غزة والضفة طبقا لما أنتجته انتخابات ديمقراطية نزيهة ، وهى تملك أغلبية مريحة فى المجلس التشريعى يتيح لها تشكيل حكومة بمفردها لحكم الضفة وغزة ، لكنها سعت دوما لحكومة وحدة وطنية منذ اليوم الأول ، فعلى من انقلبت حماس إذن؟ هل قامت حماس بانقلاب على نفسها وهى صاحبة السلطة الشرعية ؟
ثم إنه بشهادة العدو قبل الصديق فقد قامت حماس بعد "ضبط الأمور" فى يونيه 2007 بإعادة الأمن لغزة وعاش المواطن – رغم الحصار – فى أمان لم يره منذ عشرات السنين. فهل الحل الآن أن يعود المفسدون من أتباع عباس ودحلان صديق الصهاينة الحميم ؟ ألم تفضح الوثائق التى تركوها بعد هروبهم من غزة عمالتهم الواضحة لإسرائيل؟ ألم تكن بعض هذه الأجهزة الأمنية فى واقع الأمر ذراع إسرائيل القوية على المقاومين بكل فصائلهم ؟ ( راجع القضايا المنظورة فى فسادهم وإفسادهم ، وراجع اللقاء الأخير للأستاذ محمد نزال فى برنامج " بلا حدود " ) .
هل الحل أن يعود هؤلاء للحكم لأن إسرائيل وأمريكا راضية عنهم؟
على الجانب الآخر ... ألم تدمر إسرائيل نفس هذه المقارات فى غزة أثناء الانتفاضة الثانية عندما كانت حركة فتح فى السلطة عقابا لهذه الأجهزة على عدم قمع الانتفاضة؟ إن إسرائيل لا تحتاج إلى لمبرر لتدمير نفسية الشعب الفلسطينى وتأصيل الانهزامية فى نفوس أبنائه ، وهو ما تحاول حماس بنجاح أن تمنعهم من تحقيقه الآن ؟
ثم هل يكون من الأمانة والمسئولية أمام الله عز وجل أن تترك أمتك لهذه الأيدى الملوثة ، والتى ترى تورطها ، وفسادها رأى العين لأجل أن تبدو أمام الناس زاهداًُ فى السلطة ؟ لا والله ‘ إنه ليجب على أهل الأمانة والشرف– شرعا وديناً – أن يتصدوا لحمل الأمانة ، وإنهم إن لم يفعلوا ليكونن من الآثمين والمفرطين .
حماس التى تتفاخر بقوة ودقة تنظيمها العسكرى قد قتل من جهازها العسكرى 300 فى دقائق معدودة ، وصدمتها إسرائيل صدمة الرعب؟
ما حدث أن إسرائيل ضربت أكثر من 40 مركزا أمنيا فى وقت واحد بـ 60 طائرة مقاتلة ، وحجم الخسائر التى حدثت هى أقل ما يمكن أن يحدث فى مثل هذه الظروف (أقل عدد يمكن أن يتواجد فى أى مقر أمنى هو 10 مثلا). ثم إن إسرائيل بضربها هذه المقرات لم تصب جناح حماس العسكرى بأى أذى ، فهؤلاء الشهداء الذين رأينا صورهم هم شرطة مدنية لتنظيم المرور وخلافه ، ولا علاقة لهم بالأعمال العسكرية ، ثم ما هو النصر الكبير الذى حققته إسرائيل وهى تقصف شرطة مدنية بالطائرات؟ إنه العجز السرائيلى الذى يبحث عن نصر وهمى يرد له اعتباره بعد هزيمته فى لبنان.
والسؤال الأدق هو من فاجأ من؟ هل إسرائيل فاجأت حماس بقصفها كل هذه المقار لتسبب لها شللا مفاجئا أم أن حماس هى التى فاجأت إسرائيل بامتصاصها الصدمة فى 90 دقيقة وإمطار المدن الإسرائيلية بعشرات الصواريخ بل وتوسيع رقعة القصف لتصل لمدن ومطارات وقواعد عسكرية بل ومطارات عسكرية ؟ ويبقى السؤال من فاجأ من؟
إسرائيل مثل بلطجى مجرم عليك أن تتجنبه فإذا استفززت هذا البلطجى فلا تلوم إلا نفسك ولا تطلب من أحد أن يعاونك؟
وماذا تفعل أنت إذا كان هناك بلطجي يضريك وأبناءك وزوجتك كلما ذهبت أو جئت ؟ هل تقول إن هذا بطجى لا يجب أن أستفزه حتى لا يضربنى أكثر وترضى بهذه المعيشة ؟ أم ستنتفض لكرامتك – على قدر طاقتك فتعيش كريما أو تموت كريما ؟ ... إن حماس والشعب فى غزة فى مجمله اختار الرد الثانى لكن هناك من يرى أن الحل الأول هو الأسلم ... وهذا شأنه ، لكن من العيب والعار أن تقبل المهانة و تلوم أصحاب الشهامةعلى شهامتهم.
.
عذر لقد طال الرسالة اسمحو لى اكملة فى الموضوع اللاحق