اليوم العالمي لغسل اليدين..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين"، أعلن لكم، أنا الموقع أدناه، وأنا بكامل قواي العقلية "رغم أن ذلك كله محل شك" أنني أغسل يدي خمس مرات في اليوم قبل كل صلاة مفروضة، وأغسل يدي ثلاث مرات قبل الأكل وبعده، وأغسل يدي بمناسبة بل ومن دون مناسبة، وأعقِّمها خشية إنفلونزا الخنازير، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الطماطم، وإنفلونزا ما كان وما يكون وما سيكون، في عصر مصاب بجنون البقر، وجنون البشر، وجنون الحجر الذي تاه وسط المستوطنات التي حاصرته من كل حدب وصوب..!
نعيش هذه الأيام ما يزعمون أنه "اليوم العالمي لغسل اليدين"، وليس ذلك غريباً، فقد عِـشنا قبله اليوم العالمي للغذاء في عصر الجوع والقحط ومعاناة الكثيرين في الحصول على ما يسد رمقهم، بعيداً عن اللحوم والأسماك والدجاج، لا خوفاً على أنفسهم من أمراضها كالنقرس وإنفلونزا الدجاج، بل خوفاً عليها من أمراض الفقراء والمحتاجين الذين يحلمون بكِسرة خبز وشربة ماء والأسودين "التمر والحليب" في عصر الشيبس والشوكولاتة والمياه الغازية، بل والقوات الغازية..!
عِـشنا اليوم العالمي لمحو الأمية، والعالم يئن من أمية مركبة، أمية العلم وأمية العلم بالله، أمية العلم المدمر الذي يزيل دولاً وأمية العلم الذي يبني أمة قادت وسادت..!
عِـشنا اليوم العالمي لمكافحة الفقر في عصر يجأر فيه الفقراء إلى الله بالدعاء ليل نهار كي يرزقهم ما يطعمهم ويكسوهم ويؤويهم، بينما الكبار ينعمون بأحلى الأطعمة وأرقى الألبسة وأفخر الفلل والقصور والشاليهات والاستراحات..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين"أدعوكم جميعاً إلى "غسل" أيديكم، بل و"تعقيمها"، و"تنظيفها" و"تنشيفها" وكويها حتى تكون بيضاء تسر الناظرين..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو الدول التي لوَّثت أيديها بدماء الأبرياء، إلى غسل أيديها، بل وملابسها، وعرباتها المدرعة والمجنزرة، وكذلك إلى غسل طائراتها وصواريخها وقنابلها، خصوصاً القاذفة بي 52 التي دكت المنازل على ما فيها ومن فيها.. من سابع سماء إلى سابع أرض..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو الذين لوَّثوا أيديهم بسرقة الطعام من أفواه الجوعى، والكساء من العراة، والعِشش ممن لا مأوى لهم، كي يقيموا عليها فنادق ومشروعات تجارية، أن يغسلوا أيديهم بالمياه المعدنية التي جعلتهم يفسدون ماء النيل، شريان الحياة ونعمة الله على أرض الكنانة..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو الذين يزعمون أن الفقر في كل مكان، والأغنياء في كل عصر، أن يغسلوا أيديهم من زعمهم، لأن غناهم ليس دليل رضا من الله، فقد يكون استدراجاً، فإذا غضب الله على عبد سلَّط عليه يده، وإن اشتد غضبه عليه بارك له فيما حصل عليه دون وجه حق..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو الذين يتباهون بالعِلم الشرعي، أن يغسلوا أيديهم بماء الوضوء، وأعينهم بماء الخشية، وأجسادهم بماء الطهارة من كل كِبر وغرور واستعلاء على خلق الله، فمِن أول من تُسعَّـر بهم النار "عالم يقال له: لِم تعلمت؟ فيقول: تعلمتُ العلم فيك يا رب، فيقال له: كذبت، تعلمتَ العلم ليقال إنك عالم وقد قيل.. ادخل النار".
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو فقراء الأرض الذين أخذوا بكل أسباب الدنيا، وسعوا إلى الرزق الحلال، ومشوا في مناكب الأرض ليأكلوا من رزق الله، أن يغسلوا أيديهم بماء الصبر، وأن يتقوا الله في أنفسهم وذويهم، حتى يؤجروا ويرزقوا ويختم الله لهم بخاتمة السعادة.
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو مفكري عصر العولمة، إلى غسل أيديهم من ذلك الفِكر، وعقولهم من ذلك الوهم، وقلوبهم من ذلك الوهن، بعد أن أصبحت أمة رسول الله كغثاء السيل..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو مثقفي عصر التسامح والتعايش والسلام، أن يعوا معنى التسامح، وقيمة التعايش، وأساس السلام.. التسامح لا يكون مع القاتل، والتعايش لا يكون مع الغاصب، والسلام لا يكون إلا مع من يجنح للسلام، لأنه اسم من أسماء الله الحسنى، وتحية أهل الجنة، وتحية المسلمين التي أمرهم الله بأن يردوا بأحسن منها أو يردوها..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو معلمي عصر الدروس الخصوصية، والاغتصاب، والمخدرات، وحجز أوائل الدفعة من الخريجين لابن فلان، أو قريب علان، أو صهر هذا، أو نسيب ذاك، إلى غسل أيديهم قبل إعلان النتيجة،لأنهم ورثة الأنبياء، وحملة مشاعل النور، فتربية العقول أصعب رسالة على وجه الأرض، وإن لم يع المربي رسالته، ويحسِـن توصيلها، ستكون أيدينا جميعاً ملوثة، ولن تنظفها مساحيق ولا منظفات ولا مطهرات ولا معقمات كل الإعلانات التي نراها ونسمعها ليل نهار عبر وسائل إعلامنا النظيفة، خصوصاً في إزالة الدهون لا الكروش التي نبتت من حرام..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو أطباء العالم إلى غسل أيديهم قبل قبض الكشف أو أجر العملية بالدولار أو اليورو أو الين أو الإسترليني، فالطب رسالة ولم ولن يكون استثماراً، فكيف تستثمرون في آلام الناس، وتربحون من معاناتهم، وتبنون بعد هدمهم، وتبتسمون بعد أن تصدموا عائلاتهم فيكون موتاً وخراب ديار كما يقولون..!
فكم من بيوت تُبنى وما تُبنا
وكم من مريض عُدنا وما عُدنا..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو تجار الأمة إلى غسل أيديهم من الحرام الذي أصبح ملايين ومليارات وتريليونات، أدعوهم إلى تجارة مع الله، تنجيهم من عذاب أليم، يؤمنون بالله ورسوله ويجاهدون في سبيل الله، أدعوهم إلى سلعة الله الغالية "ألا إن سلعة الله هي الجنة".
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" أدعو نفسي قبل الجميع، إلى نظافة اليدين قبل الانشغال بإعلانات النظافة، وتطهير النفوس قبل استعمال المطهرات، وتعقيم العقول قبل استخدام أدوات التعقيم، وتزكية النفوس قبل ارتداء أفخر الثياب والتطيب بالعطور الباريسية..!
بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين" كل عام أنتم أيديكم نظيفة، قلوبكم نظيفة، عقولكم نظيفة، نفوسكم نظيفة، في عصر الحكومة الإلكترونية النظيفة..!
محمـد عبـد المعـز