moez64 قلم لا يتوقف عن الابداع
عدد الرسائل : 670 السٌّمعَة : 14
| موضوع: "حاميها حراميها"..! الثلاثاء 27 أبريل 2010 - 12:44 | |
| "حاميها حراميها"..! لم تأتِ أمثالنا العربية من فراغ، بل وُلدت من رحم الحياة، وترعرعت في ماء التجارب، وكانت ومازالت وستظل معبرة عن الحال والزمان والمكان.و"حاميها حراميها" أحد تلك الأمثال التي تصف الداء وتشخص الدواء، فمن "حاميها" ومن "حراميها"؟!بداية يجب أن نتفق على أن "الإنسان ابن بيئته" كما يقول ابن خلدون في مقدّمته، والأصل أن البيئة الخصبة تنبت نباتاً طيباً، والعكس صحيح (والبلد الطيب يخرج نباته طيباً بإذن ربه والذي خبُث لا يخرج إلا نكِداً...).القاعدة أن الأب الصالح يربي صالحين (وكان أبوهما صالحاً)، والعالم يخرج من صلبه علماء "... لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر"، والتقي يغرس التقوى في من رزقه الله بهم (وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضِعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله)، والاستثناء هو ما دون ذلك.كنتُ قد تساءلتُ في "أمة كأس العالم..!": مصرنا المحروسة "محروسة بِمَن ومِمَن؟!"، لذلك أحاول الإجابة في تلك السطور التي أسأل الله عز وجل أن تكون خالصة لوجهه الكريم، وذلك مجرد اجتهاد أسأل الله ألا يحرمني أجريه إن أصبت، وأجره إن أخطأت.هل الحامي حرامي؟!نعملماذا؟!لأن الحامي لا يجد من الحماية إلا المنفعة، بأكبر قدر، وفي أقل وقت، وبأقصى سرعة..!لأن الأمر مسنود إلى أهله، وتلك من علامات الساعة "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".أصبح قانون "الرجل المناسب في المكان المناسب" "المكان المناسب للرجل المناسب" والأمثلة في ذلك لا حصر لها..!بداية من الخفير ومن فوق، مروراً بالمدير ومن فوق أيضاً.. وصولاً إلى الوزير ومن فوق.. كل واحد يريد المنفعة، المصلحة، لا العامة كما يزعمون، بل الخاصة جداً كما نرى ونسمع، ولو على حساب "العامة".. وإلا فقولوا لي بربكم:ما معنى ألا تقضي أية مصلحة دون "الست رشوة" أو "العمة واسطة" أو "الخالة محسوبية" وكل ذلك –للأسف- أصبحوا منا وأصبحنا منهم، لأننا عائلة واحدة، قننا "الغلط" أي استحللناه واستحليناه واستملحناه لدرجة أننا لا نطبخ من دونه، ولا نأكل إلا به، ولا نرتاح إلا بعد أن ندفع أو يُدفع لنا أو أن نكون بين من يَدفع ومن يُدفع له.. "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش".مبرراتنا جاهزة.. "الراتب لا يكفي، الحياة صعبة، الأولاد، المستقبل، الحياة نار".. وإن كنا لا نتحمل نار الدنيا فكيف نصبر على نار الآخرة؟!لا أنكر أن ضرورات الحياة أصبحت لا حصر لها، والموظف يشكو إلى الله في الأسبوع الأول من الشهر لأن راتبه لا يكفي عُشر أو رُبع عشر التزاماته..!ولا يستطيع كائناً من كان أن يعتمد على الله ثم على راتبه للوفاء بالمطلوب منه، والذي لا غنى له عنه، هو ومن يعول، فماذا يفعل؟!الفجوة بين الأصول والخصوم، الداخل والخارج، الراتب والمصاريف، واسعة جداً لدرجة لا ينفع معها "الترقيع"..!الهوة سحيقة بين من يقبضون، ويتقاضون، ويشترطون، ويأمرون، ويجدون من يدفع لهم، ومن لا يملكون غير راتبهم..!بيننا من يتقاضون رواتبهم بالدولار، وعمولاتهم باليورو، ونظير خدماتهم بالجنيه الإسترليني، بعيداً عن الجنيه المصري الذي تاه بين تلك العملات، وضاع في زحام البورصة ولا حول ولا قوة إلا بالله.بيننا من يحجزون الوظائف لذويهم، وذوي ذويهم، وذوي ذوي ذويهم، فالشواغر لهم لأنهم عباقرة، والوظائف لهم لأنهم أهل لما هو أكبر منها، والدرجات العليا لهم لأنهم "أولاد ذوات"، والمأساة أنهم يخدعوننا بأن ذلك مطلوب شرعاً مرددين: "خيركم خيركم لأهله"، وكأن الوزارة أو الدائرة أو غيرهما "خيره" ولابد أن يذهب "لأهله"ّ.. "طب وأهلي" يا عم بلا أهلي بلا زمالك...!بيننا من تضخمت أرصدتهم في البنوك لأن الواحد منهم بتوقيع واحد يصبح مليونيراً، وبموافقة واحدة يصبح مليارديراً، وبتأشيرة واحدة يصبح تريليونيراً، "طيب والمديونير؟!" يستاهل لأنه لابد أن يكون في الدنيا فقير وغني، عبد وسيد، كبير وصغير، وجيه ووضيع..!لكن الغنى غنى النفس، والقناعة كنز لا يفنى؟!هذه شعارات الضعفاء، وقناعات المستسلمين، ومبادئ من لا يملكون إلا الكلام.. لدرجة أنهم لا يستطيعون رفع أصواتهم خشية الكبار..!كيف أصبحوا كباراً؟!بجهدهم، بتعبهم، بعرقهم، بسهرهم...!كيف وابن الوزير كان معي في الكلية وتقديري أعلى؟!"التقدير" لا يعني أنك "أعلى" لأن الوزير أعلى وأعلى وأعلى...!لكنها ليست وزارته ولا وزارة ابنه...!لا هي وزارته ووزارة ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه...!هل يصبح ابن المدير مديراً وابن المسؤول مسؤولاً وابن الوزير وزيراً؟"انظر حولك" كان شعاراً لتنظيم أو تحديد النسل كما يزعمون، لكنه أصبح الآن شعاراً لتحديد الحجم.. إنت مين؟!.. إنت مش عارف أنا ابن مين؟!.. إنت مش عارف نفسك بتكلم مين؟!هذا قليل من كثير، وغيض من فيض، أصبح حامي الإدارة حراميها، وحامي المصلحة حراميها، وحامي المؤسسة حراميها، وحامي الوزارة حراميها وحامي الحمى حراميها؟!لذلك أصبح "حاميها حراميها"؟!أصبح "حاميها" حاميها من غيره..!و"حراميها" حراميها الوحيد والأوحد والأول والآخر، والدليل أن كل المسؤولين يتسلمون الخزائن فارغة، والوزارات مدينة، والإدارات خاوية على عروشها...!ورغم أننا لا "حاميها" ولا "حراميها" إلا أننا نحمي "حاميها وحراميها".. كيف؟!أتمنى أن يقدِّر الله لي ولكم اللقاء والبقاء لنحاول الإجابة في مكان آخر وزمان مختلف.. جعلني الله وإياكم من المتحابين فيه. محمـد عبـد المعـز | |
|