المحاولة السابعة
بين الإسراف والتقتير..!
"إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة فإنها مال لا ينفد.. وإياك والطمع فإنه فقرٌ حاضر".
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
الزوجة تريد أن تلبس أحلى الأزياء، وتتزيّن بأغلى الحلي، وتشتري ما تقع عليه عيناها من حقائب وأحذية وإكسسوارات.. تريد الموضة –بحلوها ووحلها- فهي ليست أقل من غيرها –إن لم تكن أفضل- وتنظر لمثيلاتها بصرف النظر عن حاجتها هي، وعند أول اختلاف بينها وبين زوجها على أي شيء تتضح هذه النظرة وتكشف نفسها دون أدنى عناء..!
الزوج يريد أن "يقتّر" عليها.. يحدّثها عن الإسراف، وعن غيره من الرجال المدبّرين وزوجاتهم اللائي ترضين بالقليل، ونحن لسنا كغيرنا، ودخلنا ليس كدخلهم.. لابد من أن ننظر إلى من هم دوننا كي نعيش "مستورين"..!
والنتيجة: الزوجان مختلفان، فهو يعتبرها مسرفة، وهي تعتبره بخيلاً، فكيف يتفقان؟!
كيف يخلصها من إسرافها؟! وكيف تخلصه من بخله؟!
السبب الرئيسي في هذه الصورة بعض وسائل الإعلام، فالمرئي يقدّم عروض الأزياء، والمسموع يدعو إلى الذهاب إلى المحال ومواكبة "الموضة"، والمقروء يفصّل، ويصوّر، وينشر كل جديد "يهم المرأة"، بل ويبرزه.. فأغلب وسائل الإعلام استهلاكية، وتحاول –بكل إمكاناتها- إقناعنا بهذا النمط الاستهلاكي، فالشراء متعة، والتسوق فن، والمرأة العصرية لابد لها من أن تحافظ على "أناقتها"!.. و"التجديد" مطلب حيوي للزوجة كي "تعجب" زوجها وإلا..!
والحل.. نجده في قول الله عز وجل: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
يجب أن نتفق على مصطلح بين الاثنين هو "الاعتدال" أي الإنفاق دون إسراف ولا تقتير.
كن –عزيزي الزوج- كريماً معها، كن البادئ بـ "شراء" راحة زوجتك، خاصة أنك قادر –بإذن الله- على دفع هذا الثمن.. اقنعها، وضّح لها الصورة بشكل تقبله، قل لها إنها "شريكة" عمرك، وإنك لن تؤخر عنها شيئاً، لبِّ لها طلباتها –إن كانت في حدود المتاح- كي لا تصبح زوجتك "خارج التغطية"!.. واحملها لها قائلاً: "هذه الأغراض للبيت، وهذه هدية بسيطة لكِ".. تصور أنها ستنسى ما كان و"تتذكر" هذه اللحظة فقط، وستسمع منها ما تتمنى وأكثر.. هي هكذا ولم ولن تتغيّر..!
يجب أن تبعدي –عزيزتي الزوجة- عن هذه الأفكار، وتبعديها عنكِ، فالحياة ليست أكلاً وشرباً ولباساً وزينة وتسوقاً فقط.. وما بينك وبين زوجك "أكبر" من ذلك و"أصغر" من أن يكون سبباً للاختلاف فاشغلي نفسكِ بما هو أعمق.
لا تكوني سطحية، فما تسمعينه نقّيه، وما ترينه ميّزيه، وما تقرأينه اعقِليه، فالله كرّمنا بنعمة العقل لكي نتبعه ونخالف هوانا (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله).
كوني حكيمة –عزيزتي الزوجة- في تصرفاتك، فالحكمة ضالة المؤمن.. لا يعني ذلك ألا تأكلي ولا تشربي ولا تلبسي.. ولا.. ولا.. فالله عز وجل قال: (كلوا من طيبات ما رزقناكم) لكنه سبحانه وتعالى قال أيضاً: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) فالتبذير يجعلك أختاً للشيطان، ونحن نريدك "ملاكاً" في القول والعمل، فالاعتدال مطلوب في الإنفاق.. وفي الرضا والغضب أيضاً.
يجب أن تتفق –عزيزي الزوج- معها على "متى، وكم، وكيف" ننفق، فهي "شريكتك" فاشركها بحب، وحاول معها، وكرر المحاولة.. المهم أن تستغل أوقاتاً يكون "الاستقبال" فيها مهيأ لإرسالك الذي يجب أن تغلّفه بالرحمة.. اقنعها باللين، وعِظها بالحسنى، وأمرها برفق تجدها رحيمة ولينة.. تطيعك بحب، وتحبك بطاعة، وابدأ ولا تخف، فالبادئ في الحروب "أظلم" لكنه في العلاقات الزوجية "أعدل"..!
إلى كل زوجين: مازال في العمر متسع للعطاء، ومازال في القلب حب كبير.. دعا قلبيكما يتعانقان، وعينيكما تستمتعان، ويديكما تتشابكان، وتعاهدا على الحب، الإخلاص، الصدق.. حاولا -قدر استطاعتكما- الوفاء، فما "أكثر" من يعد و"أقل" من يفي بوعده في هذا العصر..!
محمد عبدالمعز