المحاولة الخامسة
حبلُ الكذب..!
"الكذوب لا حيلة له، والحسود لا راحة له، والبخيل لا مروءة له".
رغم تفرّد العلاقات الزوجية، وتميّزها، وخصوصيتها، إلا أنها –كسائر العلاقات الاجتماعية- يعتريها بعض الفتور، وتطفو بعض الشوائب على السطح بين الزوجين، فيصمت الزوج ويكون غائباً وهو حاضر، وتغضب الزوجة فتكون بعيدة وهي قريبة، ويسير الزوجان في خطين متوازيين.. معاً، لكنهما لا يلتقيان.. فلماذا.. وإلى متى؟!
من أسباب هذا الفتور كذب الزوجة، فالكذب آفة من الآفات التي تقض مضجع الزوج، وإن كذبت عليه زوجته مرة، فمن الصعب أن يصدّقها ثانية..!
تفع الزوجة في هذا "الفخ" دون قصد –أو بقصد- بحسن نية، فتكذب كيلا تغضب زوجها، وتكذب كيلا يؤنبها، وتكذب كيلا تثير حفيظته تجاه أهله –إن كانا في بيت عائلته- وتكذب كيلا توغر صدره، وتكذب كيلا تثير فتنة بينه وبين المحيطين بهما، سواء في العمل أم الجوار، وتكذب كيلا يحاول "تقريرها".. واهمة بأنها تريح نفسها وتريحه..!
وللأسباب نفسها –وزيادة- يكذب الزوج على زوجته ناسياً، أو متناسياً، أن ذلك يدفعها إلى الشك فيه، وستظل على شكها هذا حتى يثبت العكس.. بعد عمر طويل..!
يجب أن نتفق على أن الزوجة –من المفترض- ألا تكذب على زوجها، والزوج كذلك.
أقول -باختصار- "إن كان الكذب ينجي فالصدق أولى به"، وإياكِ –عزيزتي الزوجة- وهذا الخلق الذميم، خاصة في بداية الزواج، فهي مرحلة تكوين الانطباعات –كل عن الآخر- فليكن الصدق دليلك، والإخلاص ديدنك، والأمانة سمة ملازمة لك في قولك وفعلك.
إن كذبتِ مرة أو أكثر –عزيزتي الزوجة- فلتكن الأخيرة.. وأنت –عزيزي الزوج- ساعدها.. تفهم وجهة نظرها، افتح قلبك لها كيلا تخاف من مصارحتك بشيء، اعطها الأمان كي تحادثك دون تحفّظ، كن شاعراً بها، وهذا "بيت القصيد"!
كن هيناً ليناً مع زوجتك، لابد أن تكون لغة الحوار مفهومة، واضحة، تعبّر عما في القلب، فالمرء مخبوء تحت لسانه، واللسان الذي يصرخ فيها عند طلب شيء معين قادر على أن يسبق هذا الصراخ بكلمة "لو سمحتِ".. اللسان الذي يوبّخ، ويؤنّب، ويصف بأبشع الألفاظ، قادر على أن يعاتِب، ويسبق هذا العتاب بـ "يا حبيبتي".. تصور رد فعلها عندها..!
اللسانُ الذي يذم –عزيز الزوج- قادر على أن يمدح، والعينُ التي ترى النقص، قادرة على أن تبين الكمال.. بعيداً عن سياسة التركيز على السلبيات وإغفال الإيجابيات..!
إما أن تقنع زوجتك برأيك –دون فرضه- أو تقتنع برأيها، وهذا ليس عيباً..!
يجب أن تقنعها –أو تقنعيه- بالحجة، والمنطق، والبرهان.. (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة: 110.
ما أروع أن "تصافي" بدلاً من أن "تجافي"، وما أحلى أن "تعاتِب" بدلاً من أن "تحاسِب".
عاتِب برفق، وارفق بحب، وحِب بصدق.. تجد الصدق بحب.
الحياة ليست حقوقاً فقط، بل حقوق وواجبات، فلا تطالِب –عزيزي الزوج- بحقوقك غافلاً أو متغافلاً عن واجباتك، ففاقد الشيء لا يعطيه.. اعط تجد من تعطي، وحِب تُحَب، وقدّر تُقدّر، واخلص يُخلَص لك، وسامِح تُسامَح.
ما أروع أن تكون أنت البادئ، فالزوجة تُطلَب ولا تَطلُب، وتُسعَد حتى تُسعِد "هكذا ترى".
ما أجمل أن تكون قائداً لكتيبة الحب، ورائداً لسرية العطاء، وضابطاً في الإخلاص.. فالقيادة ليست أوامر ونواهي..!
إن كنت تظن ذلك فأمرها بالمعروف بمعروف، وانهها عن المنكر من دون منكر، واجعلها ترفع لك راية الولاء، وتعلن الاستسلام لقلبها الذي ملكته لدرجة جعلتها عاجزة عن المقاومة.. عندها فقط تصبح العلاقة الزوجية وسيلة "جذب" بعيداً عن أي "شد"، ويصبح البيت سكناً مملوءاً بالمودة والرحمة.
عزيزتي الزوجة: لا تكذبي ولا تتجمّلي.. إلا لزوجكِ..!
عزيزي الزوج: الكذب مباح في ثلاث حالات: "على الزوجة، وللصلح بين المتخاصمين، وعلى الأعداء في الحرب".. فاكذب عليها لتصالحها وتنهي الحرب بينكما..!
محمد عبدالمعز
موضوع: المحاولة الخامسة..حبلُ الكذب..! 
السبت 28 نوفمبر 2009 - 1:11
