مبارك يرفض قطع العلاقات مع الجزائر ويصدر بياناً رئاسياً هادئاً ووقوراً
الخارجية المصرية تستدعي للمرة
الثانية سفير الجزائر.. وحجار يؤكد من العيب أن يشير لي المصريون بأصابع
الاتهام > بيان الخارجية : أجهزة إعلامية هنا وهناك تتحمل مسئولية
التهييج والإثارة ولغة الشحن الإعلامي المريض.. وحولت كلمة مصري إلي متهم
في الجزائر ولفظة جزائري إلي مجرم في القاهرة > تايم: نظام مصر
البوليسي يدفع المواطنين لتنفيس غضبهم عليه في كرة القدم
كتب ـ خالد محمود ومصطفي عبد الرازق
وسط تدهور العلاقات المصرية
الجزائرية، عقب الأحداث العنيفة التي تعرض لها مشجعون وفنانون ولاعبون
مصريون في السودان بعدما فاز الفريق الجزائري علي نظيره المصري بهدف دون
مقابل في المباراة الفاصلة التي أجريت مساء أمس الأول، عقد الرئيس حسني
مبارك اجتماعاً موسعاً قبل ظهر أمس بمكتبه بمقر رئاسة الجمهورية حضره كبار
مساعديه ورجال الدولة.
وعقب الاجتماع بساعات صدر بيان رئاسي بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط
الرسمية حمل طابعاً دبلوماسيا جاء فيه أن الرئيس حسني مبارك كلف وزير
الخارجية أحمد أبوالغيط، باستدعاء سفير الجزائر بالقاهرة
لكي ينقل له مطالبة مصر للجزائر بأن تتحمل مسئولياتها في حماية المواطنين
المصريين الموجودين علي أراضيها ومختلف المنشآت والمصالح المصرية بالجزائر.
وأوضح البيان أن الرئيس مبارك تابع خلال الاجتماع تنفيذ تكليفاته للسيد
رئيس الوزراء والأجهزة المصرية المعنية والتي كان سيادته قد أصدرها بعد
انتهاء المباراة، لتأمين عودة المواطنين المصريين وبعثة منتخب مصر القومي
من السودان.
وبدا أن الاجتماع هو لقاء عاجل لمجلس الأمن القومي الذي نادرا ما يجتمع،
حيث ضم اللقاء كلاً من الدكتور أحمد نظيف ـ رئيس مجلس الوزراء ـ والدكتور
فتحي سرور ـ رئيس مجلس الشعب ـ وصفوت الشريف ـ رئيس مجلس الشوري ـ.
كما حضر الاجتماع أحمد أبو الغيط وزير الخارجية وحبيب العادلي وزير
الداخلية، وأنس الفقي وزير الإعلام، والدكتور مفيد شهاب وزير الشئون
القانونية والمجالس النيابية، والمهندس أحمد المغربي وزير الإسكان
والمرافق والتنمية العمرانية، وأحمد شفيق وزير الطيران المدني، واللواء
عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة، والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان
رئيس الجمهورية، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة،
والمهندس حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، والسفير سليمان عواد
المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.
وقالت المصادر إن الاجتماع الذي شارك فيه كبار مسئولي مختلف الأجهزة
الأمنية والعسكرية قد درس عدة خيارات لمعالجة الأزمة الراهنة مع الجزائر،
مشيرة إلي أن الرئيس مبارك رفض طلبات من بعض معاونيه بقطع العلاقات
السياسية والدبلوماسية فوراً مع الجزائر.
وعلمت( الدستور) أن من بين الخيارات التي طرحت للنقاش سحب جميع العاملين
والمقيمين المصريين في الجزائر والمقدر عددهم بنحو 15 ألف عامل وعدم
إعادتهم مجدداً إلي هناك إلا بعد تعهد الحكومة الجزائرية بحمايتهم بشكل
أفضل ومنع أي محاولة للاعتداء عليهم.
كما نوقشت خيارات كوقف الاستثمارات المصرية في الجزائر والبالغ قيمتها نحو
8 مليارات دولار أمريكي مع مراعاة أن أكثر هذه الاستثمارات قطاع خاص وليست
ملكاً للدولة، وسحب السفير المصري لدي الجزائر إلي القاهرة بحجة التشاور
مع حكومته.
وفي نفس السياق استدعي الرئيس مبارك سمير زاهر ـ رئيس اتحاد الكرة ـ وهاني
أبو ريده نائبه في الاتحاد في اجتماع خاص. وأكد زاهر أنه سيتقدم بشكوي
للإتحاد الدولي لكرة القدم في أحداث الخرطوم مهدداً في حالة عدم اتخاذ
قرار دولي« ضد الجزائر بتجميد نشاط كرة القدم في مصر لمدة عامين.
وشكا أمس عبد القادر حجار ـ سفير الجزائر ـ في القاهرة ومندوبها الدائم
لدي الجامعة العربية من علمه بنبأ استدعائه للمرة الثانية خلال أقل من
أسبوع واحد إلي مقر وزارة الخارجية المصرية من وسائل الإعلام.
وقال حجار الذي لم يكن قد توجه حتي ساعة إعداد التقرير بعد ظهر أمس إلي
مقر الخارجية المصرية، إنها المرة الأولي التي يتم فيها استدعاء سفير مقيم
ومعتمد في دولة إعلامياً قبل لقائه بالفعل مع مسئوليها.
وأعرب حجار عن أسفه لما وصفه بالتطورات المؤسفة في العلاقات المصرية
الجزائرية، مؤكداً أنها علي ما يبدو تتجه لمزيد من التدهور رغم الجهود
الشخصية والدبلوماسية التي يقوم بها للحيلولة دون حدوث هذا.
وأوضح حجار أن ما آلت إليه الأمور لا يليق بالعلاقات التاريخية بين مصر والجزائر، نافياً أن يكون هو شخصياً يتحمل مسئولية ما حدث.
وقال السفير الجزائري: من العيب والسخف أن أسمع بعض الإعلاميين أو
البرلمانيين المصريين يشير إليَّ بأصابع الاتهام ويحملني المسئولية،
الصحيح هو أنني حتي هذه اللحظة مازلت أدافع عن تاريخية وخصوصية العلاقات
المصرية الجزائرية.
وأضاف: سارعت إلي نفي سقوط قتلي جزائريين في القاهرة وخاطبت وسائل الإعلام
المصرية والجزائرية وطالبت الجميع بالهدوء وفعلت كل ما بإمكاني لوقف هذا
التعصب الأعمي وأكدت أنه لا يجوز تجاهل التاريخ لمجرد مباراة في كرة القدم.
وشدد حجار علي أن ثمة أخطاء وقعت هنا وهناك، وقلة من الجماهير ارتكبت
أخطاء فادحة في غيبة السيطرة الأمنية لكن هذا لا يعني تجاهل ما بين
الشعبين والبلدين من حقائق ووشائج وعلاقات.
وحملت الخارجية في بيان لها ما وصفته «الإعلام المأجور» مسئولية الأحداث
المؤسفة التي أعقبت مباراة مصر والجزائر في كرة القدم، وإخراج الرياضة في
العالم العربي من الروح الرياضية إلي روح النرجيسة، داعية الحكماء في مصر
والجزائر لتضميد الجراح التي ألمت بمشاعر شعبين وتشخيص «داء العداء» لمصر
في الجزائر، ورد فعله الذي يبدو طبيعياً في القاهرة، ووضع وصفة لعلاجه
واستئصال جذوره من فكر ووجدان الشعبين.
وأوضح البيان أن المباراة كان ينبغي لها أن تكون في أجواء «عرس عربي
إسلامي أفريقي» ولكنها تحولت إلي تنافس غير شريف، وإلي «بوق» يبث سماً
وتفوح منه رائحة الكراهية والحقد الدفين ليس بين شعبين وإنما بين أجهزة
إعلامية، هنا وهناك، التهييج والإثارة هاجسها ولغة الشحن الإعلامي المريض
دينها.وحولت كلمة مصري إلي اتهام في الجزائر ولفظة جزائري إلي مجرم في
القاهرة والأصل في الأمر أنها مباراة كرة قدم فيها الخاسر والفائز وفيها
فائز دائم هو تمثيل عربي أفريقي مشرف في محفل دولي وتظاهرة عالمية وحدث
كوني يتكرر كل أربعة أعوام.
واتهم البيان قناة «الجزيرة» القطرية بتأجيج المشاعر بين جماهير البلدين
حتي تضيف زيتاً إلي النار وقامت ببث فيلم وثائقي عن تاريخ الخلافات
المصرية-الجزائرية، وكأننا بصدد الإعداد لموقعة حربية بين البلدين وكأن
القاهرة تعد جيشاً جراراً لغزو الجزائر أو العكس.
فيما قال «بلال قسم الله الصديق» القنصل العام السوداني في أسوان إن
الشرطة السودانية تعاملت بموضوعية تامة، حيث تم الدفع بـ 15 ألف شرطي
لتأمين الجماهير المصرية والجزائرية، مشيراً إلي أنه تمت السيطرة بالكامل
علي أحداث الشغب التي أعقبت المباراة خاصة من القلة المتعصبة من الجمهور
الجزائري.
وأكد المسئول السوداني عدم وجود إصابات بالغة بين الجمهور المصري، حيث تم
تفويج عدد كبير من الجماهير علي الطائرات المصرية التي تقلهم إلي مطاري
القاهرة وأسوان.
ووصف «قسم الله» أحداث العنف التي أعقبت المباراة بأنها «مؤسفة وأساءت لصورة العرب في ظل الاهتمام العالمي بالمباراة».
من ناحية أخري، قالت صحيفة الجارديان البريطانية أمس إن الوحدة العربية
تواجه اختباراً حقيقياً خاصة في ظل ملابسات مباراة مصر والجزائر الماضية،
وليس بسبب مواقف خلافية حول إسرائيل أو العراق أو أي من القضايا التي كانت
دائماً مثار جدل علي الأجندة السياسية للشرق الأوسط. وعليه فإنه ليس
غريباً أن يُطلق علي المباراة «أم المباريات». وأشارت الصحيفة إلي أن
المشاعر الاعتباطية سرت مثل الحمي بين المشجعين. ولفتت إلي أعمال الشغب
التي صحبت المباراتين والتي أسفرت عن تحطم مكاتب الشركات المصرية في
الجزائر إثر أعمال الشغب التي قام بها الجزائريون. وتحطم الحافلة
الجزائرية في مصر والتي وصفها الإعلام الجزائري «بالمجزرة». وأكدت الصحيفة
أن الأمر وصل إلي حد أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اتصل بالرئيس
حسني مبارك مرتين لمناقشة الأزمة. وأشارت إلي أن العلاقات بين الدول
العربية طالما كانت علاقات ود وصداقة. وقالت إن الرئيس الراحل جمال عبد
الناصر كان مصدراً لإلهام الثورة الجزائرية.
من جانبها، قالت مجلة «تايم» الأمريكية إن الدولة البوليسية في مصر والتي
أبقت مبارك ثلاثة عقود في الحكم سبب تعصب المصريين للكرة، لتجعلهم يشعرون
وكأن مصر انتصرت في حرب ليلة 14 نوفمبر. واعتبرت المجلة أن تعصب المصريين
الشديد لكرة القدم الذي ظهر جلياً في الفترة الحالية نظراً للمنافسة
الشديدة بين المنتخبين المصري والجزائري يرجع إلي عدم التسامح من قبل
النظام المصري مع تعبير المصريين عن معارضتهم السياسية له. وأكدت أن
الحماسة الكبيرة من جانب المصريين والتعصب الشديد في كرة القدم يرجع لأن
«الدولة البوليسية التي أبقت (الرئيس) حسني مبارك في السلطة ثلاثة عقود،
لا تتسامح كثيراً مع التعبير عن المعارضة السياسية».
نقلا عن الدستور المصرية
الجمعه 20/11/2009
موضوع: مبارك يرفض قطع العلاقات مع الجزائر ويصدر بياناً رئاسياً هادئاً ووقوراً 
الجمعة 20 نوفمبر 2009 - 4:57
