مباريات كرة الكلام..!

استكمالاً لـ "إلى نبع الوجود وأخواتها" أحاول في تلك السطور سرد بعض الأمثلة لتوظيف الشعر للتعبير عن لسان حال الأمة أقول:

قرأت كتاباً رائعاً بعنوان "شعر الإمام الشافعي" تناول فيه قيماً عظيمة ورسخ فيه مبادئ نحن أحوج ما نكون إليها في كل زمان ومكان، وقدم نصائح تعين على السعادة في الدارين الدنيا والآخرة، وأرى أن هذا الكتاب يصلح برنامج عمل لمن أراد.

ويأبى الذئب أن يأكل لحم ذئب



وهناك شعر الثورة، فمازلت أذكر:

الله أكبر فوق كيد المعتدي

والله للمظلوم خير مؤيدي

أنا باليقين وبالإيمان سأهتدي

نوري معي والحق يسطع في يدي

قولوا معي الله أكبر.. الله فوق كيد المعتدي



مقارنة بسيطة بين "أغداً ألقاك" لشاعرنا السوداني العظيم الهادي آدم..

و"بحبك يا حمار" لنجم عصر العولمة سعد الصغير..

توضح أن الحب ارتقى بالهادي آدم إلى السماء السابعة..

وجعل الآخر يحب الحمار..!



ومقارنة أخرى بين "إلى حبيبي" لشاعرنا المبدع نزار قباني..

و"لا أنا مسطول ولا باطوح" لفنان عصر المخدرات حمادة هلال..

تؤكد أن الحب منح "نزار" أملاً يبيع من أجله الدنيا وما فيها..

وجعل الآخر "مسطول" و"مطوح" وجاي يجامل ويروح..!



ومقارنة ثالثة وأخيرة بين "عيون القلب" لشاعرنا القدير عبدالرحمن الأبنودي..

وبين "أنا حابطل السجاير" للمكوجي شعبان عبدالرحيم..

تبين أن الأول تساءل بحيرة: أنا بس إللي محيرني وما مخلانيش أنام.. إزاي أنا بأقدر أسهر وإزاي تقدر تنام؟!

وجعل شكمان عبدالرحيم يعمينا بدخانه ومخدراته زاعماً أنه "حيبطل السجاير"..!





أليس الشعر أولى؟!

إذا كانت الفرق تستعد وتدرب وتنتقي وتختار أفضل اللاعبين للانضمام إليها، وتدخلهم معسكرات وتشرف على تغذيتهم ومواعيد نومهم ويقظتهم لكي يصلوا إلى الهدف، أوليس الشعر أولى بذلك؟!

ألا يستحق الشعر استعداداً وتدريباً وانتقاءً من لغة جميلة حفلت بكل ما هو رائع وراق ونبيل لدرجة أن القرآن الكريم عبر عن العلاقة الزوجية بالمس (من قبل أن تمسوهن)، وجعل التشكيل الفاعل مفعولاً والعكس كما قال سبحانه (وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُهُ) أي أن الله ابتلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكذلك (إنما يخشى الله من عباده العلماء) أي أن العلماء أشد الناس خشية لله تعالى.



الشاعر/ الشاعرة.. مهندس يرسم بالكلمة، ومحام يدافع عن الحق بالكلمة، وطبيب يشخص الحالة بالكلمة ويعالج بها، وغيره، وغيره، وغيره.. الشاعر هو كل ذلك في ذلك كله..!



أقول لنبع الوجود وإخوتها وأخواتها: أرجوكم اهتموا بمباريات كرة الكلام كعُشر أو رُبع عُشر اهتمامكم بمباريات كرة القدم.. فالفرق شاسع بين لعبتي الأقدام والعقول.. فما قيمة الأقدام دون عقول، وما قيمة العقول إذا لم تفكر وتتدبر وتقرأ وتكتب وتعبر وتشبه وتصور؟!



واختصاراً للموضوع أختمه كما بدأته "إلى نبع الوجود وأخواتها":

أنتن "سلة" زهور حياتنا و"بيض" أيامنا، وأمهات كتاكيتنا.. فهل من العقل أن نضع البيض كله في سلة واحدة؟!

كتاكيت وبيض وفراخ
ربنا يسترها من انفلونزا الطيور

فى الزمن الى احنا فيه الناس بوظو اللغة خالص
احنا عاوزين عملية ترميم مش للغة للى بيتكلمو اللغة