إن هي إلا أسماء..!
من عظمة الإسلام أنه دين صالح لكل زمان ومكان، لأنه وضع لأتباعه نظاماً يسعدهم في دنياهم ويضمن لهم الجنة في أخراهم.
وقد أولى الله الأبناء عناية خاصة، وقبل أن يفرض عليهم بر والديهم، فرض للأبناء حقوقاً على آبائهم تكفل للآباء والأبناء معاً حياة طيبة بحب واحترام متبادلين في طاعة الله.
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو عقوق ابنه، فاستدعى أمير المؤمنين الابن وسأله: لماذا عققت أباك؟ فقال الابن: ما حق الابن على أبيه يا أمير المؤمنين؟ فقال له: أن يختار له أماً صالحة، وأن يحسن تسميته، وأن يعلمه كتاب الله.. فقال له الابن: أبي تزوج أمة سوداء فأنجبتني، وسماني جعراناً (أي صرصاراً)، ولم يعلمني آية واحدة من كتاب الله.. فقال أمير المؤمنين للأب: اذهب فقد عققت ابنك قبل أن يعقك.
مرت الأسماء كغيرها بمراحل عدة سادت كل منها أسماء معينة، فقبل الإسلام كانوا يسمون أسماء تتفق مع بيئتهم الصحراوية من الشدة والأمور التي تتطلب شجاعة وصبرا وتحملاً مثل: علقمة ومرة وصخر وعنترة وغير ذلك من الأسماء.
وفي صدر الإسلام ذاعت أسماء: سيف الإسلام وعز الدين ونصر الله وسيف الله وغيرها.
ثم مرت الأسماء بأزهى عصورها عندما اتُخذ الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون قدوات لأبنائهم فرأينا محمد وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد وخديجة وعائشة وفاطمة ورقية.
وفي مرحلة تالية فطن الآباء إلى الاستفادة من أسمائهم في أبنائهم متأثرين في ذلك بمشاهير عصرهم.. فإدريس رغم أنه اسم نبي إلا أنه حرص على تسمية ابنه يوسف آملاً أن يصبح يوسف إدريس الأديب المصري المشهور "فارس الرومانسية".
ولم يبعد حسين عن ذلك كثيراً عندما سمى ابنه طه كي يكون طه حسين عميد الأدب العربي، وفي هذا السياق سمى أمين مصطفى وعلي كي يكونا كمصطفى وعلي أمين الصحفيين الأشهر ومؤسسي جريدة الأخبار المصرية.
وبعد اختصار بقية المراحل وصلنا إلى أسوأ القدوات في الأسماء، فرأينا فتحي يسمي نجلاء فتحي، وإمام يسمي عادل إمام، وعبدالقدوس يسمي إحسان عبدالقدوس، وياسين يسمي محمود ياسين وهكذا.
وانتشرت أسماء المشاهير من الفنانين منفردة كشهيرة وشادية وحليم وفريد وغيرها.. إلى أن وصلنا الآن إلى مرحلة لا تُحمَد عقباها فسمينا ميار ويارا وغادة ورشا، ثم عدنا إلى رحاب وجنة ومروة بفضل الله.
المشكلة الآن أننا نعاني ظلم عادل وكذب صادق.. نشكو سوء أخلاق محسنة وخيانة أمينة وغش مخلصة.. يخدعنا أمين وينافقنا مخلص، ويغني علينا حكيم..!
نعاني قسوة حنان ويأس أمل وظلام قمر.. نبحث عن ضوء بدر وأذان بلال وريح يوسف.
فإلى متى نبحث عن ذكرى عزة وصفات حميدة وتميز فريدة.. أين مؤمن آل ياسين وبر إسماعيل لأبيه وطاعة إبراهيم لربه؟!
نتمنى حبيبة في دنيا غريبة بعيداً عن أحلام وأماني ومنى.. نحن بحاجة إلى عطاء كريم وإخلاص مؤمن وكرامة عزيز.
ورغم أن الاسم يلتصق بصاحبه منذ ميلاده إلا أنه في النهاية لا علاقة له بصاحبه ولا يلزمه بشيء لأنه لم يختره لنفسه ولكن اختاره له غيره، لكن ما أروع أن يكون لكل منا من اسمه نصيب ككرم كريم وسماحة سماح وعطاء هبة ونقاء جنة.. رغم أنها مجرد أسماء حيث يقول سبحانه وتعالى: (إن هي إلا أسماء سميتموها........).
محمد عبدالمعز
أبوظبي
موضوع: إن هي إلا أسماء..! 
الخميس 6 أغسطس 2009 - 2:03
