نقمة المال..!

نقمة المال..!



المال نعمة ولا يختلف على ذلك اثنان، لكنه عندما يُجمَع من غير ما أحل الله، وينفق فيما حرم الله، يكون نقمة على صاحبه وسبباً من أسباب هلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة.. ذلك هو الخسران المبين.



وقصص من أهلكهم المال كثيرة.. منها ثعلبة الذي طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له بأن يرزقه مالاً كثيراً.. فقال له رسول الله: قليل يكفيك خير من كثير يطغيك.. وتكملة القصة معروفة.



وقد ضرب الله عز وجل في كتابه العزيز مثلاً بقارون: (إن قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ).. وبعد أن فعل بالمال ما فعل.. أو بعد أن فعل فيه المال ما فعل.. (قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون( فكانت النتيجة الحتمية: (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين).. والخسف أي جعل من فوق الأرض تحتها أو في باطنها.. وهي نهاية نعوذ بالله منها.



وقد رأينا وسمعنا عمن وصل بهم الحال إلى أنهم لا يجدون تكاليف علاجهم بعد أن امتلكوا الملايين لكنهم أنفقوها في غير ما شرع الله.

والعجيب أن من ينفقون أموالهم في ملذاتهم وشهواتهم من نساء وخمر وميسر وخلافه.. العجيب أن هؤلاء يدفعون أموالهم لارتكاب المعصية فيكونون بذلك قد عصوا الله مرتين معاً: إنفاق المال في الحرام وفعل الحرام نفسه..!



والأمثلة في عصرنا الحالي عديدة.. منها جريمة سوزان تميم التي تلاقى فيها مثلث الرعب: المال والنفوذ والنساء.. وواحد منها فقط يكفي لإهلاك أمة بأسرها فما بالك بالثلاثة معاً؟!.. والنتيجة إعدام القاتل ولا تعليق..!



ومن أسباب السعي إلى جمع المال أنه يعتبر وجاهة لدى البعض ويخول صاحبه مكانه اجتماعية سواء بحق أو من دون حق.. فالغني له اسمه وسمعته ووضعه ومكانته بصرف النظر عن كل ما دون ذلك..!



والفقير لا يرى من ذلك شيئاً مهما كان اسمه ودرجته وعلمه وعمله (لدى الغالبية للأسف)..!



يقول العباس بن الأحنف:


يمشي الفقيرُ وكل شيءٍ ضده

والناس تغلق دونه أبوابها


وتراه مبغوضاً وليس بمذنبٍ

ويرى العداوةَ لا يرى أسبابها


حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة

خضعت لديه وحركت أذنابها

وإذا رأت يوماً فقيراً عابراً

نبحت عليه وكشرت أنيابها



وفي النهاية لم يحارب الإسلام الغنى بل حث عليه ورغب فيه، وكان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أثرياء (مليارديرات بلغة العصر) كأبي بكر الصديق وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما لكنهما جعلا المال خادماً للدعوة في وقت كانت الدعوة فيه بحاجة إليه.. فعل الصحابة ذلك ابتغاء رضوان الله وجنته.. والآن نحن بحاجة إلى الاقتداء بهم فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.



اللهم إن كانت أرزاقنا في السماء فأنزلها، في الأرض فأخرجها، بعيدة فقربها، قريبة فبارك لنا فيه.. اللهم اجعل المال عبداً لنا ولا تجعلنا عبيداً له.. واجعل كل كلمة بل كل حرف خالصاً لك وحدك وسعياً إلى مرضاتك وابتغاء جنتك.



محمد عبد المعز

أبوظبي