جميل الرد
من نعم الله على الإنسان أن يجعل له من اسمه نصيباً..
جميل كان كذلك بل لأنه كان جميل الرد كان جميل الكلام وجميل السلام، جميل القول والفعل.. بل وحتى جميل الصمت..!
ترافقنا فكان الرقيق الجميل، تزاملنا فكان نعم الزميل، تصادقنا فكان صديقاً صادقاً، تآخينا فكان أخاً ناصحاً أميناً متقبلاً ومقبولاً من الجميع بطيب معشره ومودة عشرته.
جميل كان جميلاً مع الجميع.. كان يقول: نعم، حاضر، تأمرني، لا تحمل هماً.. كان دائماً جميلاً حتى في (تهوينه) لأي خدمة (وتهويله) لعدم إنهائها بسرعة حرصاً على مصلحة من كلفه به وأشهد الله على ذلك دون من ولا أذى.. وتقليله من أي مساعدة يقدمها للقريب والبعيد..
تقاربنا كثيراً وبعدنا أكثر.. غبنا كثيراً وحضرنا أقل، شغلتنا الكثير من الأمور بعدما لعبنا ولهونا وتسامرنا أيام كان لكل تلك الأشياء قيمتها عندما كنا (خاليي) البال والجيوب والهموم..!
وبعد أن حملنا بعض الهموم وأخذتنا الحياة بحلوها ومرها تلاقينا لفترات لم تكن كافية لتعويض غياب طال وشوق لا حدود له، لكنني والله كنت أشعر بسعة صدره وسماحة وجهه وحضنه الدافئ الذي زاده حميمية وزادني حيرة وخوفاً عليه.
كان جميل خادماً أميناً دون مقابل، لم يتأخر، لم يتوان، لم يتردد في مد يده للجميع.. تسبق ابتسامته سلامه ويسبق فعله قوله، ويلحق كل ذلك بود كبير وأمانة في الفعل والترك.. كان جميل كل ذلك في ذلك كله.
كان بشاً هشاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.. لأنه يبيع بالقليل ويشتري بأغلى ثمن مهما اقتضى الأمر، ومهما كان السوق لأنه يسوق بالمعروف ويأمر به وينهى به ويحرص على رضا الجميع مهما بدر منهم أو سمع عنهم أو حتى رأى منهم رغم كثرة الجاحدين وقلة المعترفين وزوال كراسي الاعتراف والاغتراف..!
جميل الرد.. نويت زيارتي تكرماً منك للسلام علي، وقدر الله لنا لقاء آخر أسأل الله أن يكون في الجنة بفضل الله وجميل كرمه وجميل إحسانه ثم جميل قولك وفعلك.. وجميل سيرتك الطيبة حياً وميتاً.
ولأنك جميل الرد، أتمنى أن يكون في تلك الكلمات بعض من رد الجميل لجميل الاسم والرسم والمبنى والمعنى في زمن علت فيه المباني وتاهت فيه المعاني وظن الإنسان أنه مخلد رغم ثقته بأنه (فاني).
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل أعمالك في ميزان حسناتك وأن يشملك بكرمه الجميل بفضله وإحسانه، ثم بجميل كرمك وفضلك وإحسانك على الكثيرين ممن شهدوا لك، والناس شهود الله في الأرض، أسأل الله أن يتقبلك مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
ولأنك جميل الصفح وجميل العفو وجميل الخلق.. تمنيتُ أن أجمل كلامي لك بل وأزينه وأذوقه وأهديه لروحك الطاهرة وجميل ما كسبت يداك.
الشكر لك حياً على أن أعدتني للكتابة.. وميتاً لأنك أعدت لي روحاً تعبتُ من الجري وراءها...!
محمـد عبـد المعـز
20/8/2011