المحاولة الثالثة
حقوق وواجبات
(وعاشروهن بالمعروف) النساء: 19
وصف الله عز وجل العلاقة الزوجية بأنها "ميثاق غليظ" لما لها من أثر على الأسرة، اللبنة الأولى في المجتمع، وأحاطها بسياج من الأمن والأمان كي تنجح، ووضع لها أسساً من اتبعها لابد أن يسعد.. ليس في الدنيا فقط، بل وفي الآخرة أيضاً، لأن الشارع الحكيم حدّد لنا سعادة الآخرة دون إغفال للدنيا، لأن فيها حياتنا (وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسِن كما أحسن الله إليك ولا تبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) القصص: 76.
لكن –وللحق أقول- بعد أن حِدنا عن منهج ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.. اتجهنا للدراسات والبحوث الغربية، والجمعيات والمنظمات الشرقية، والمعاهد والجامعات الشمالية، والوسائل والحلول الجنوبية.. رغم أن منهجنا هو الأصل الذي لابد من الاتجاه إليه بدلاً من البحث في الفروع، وفروع الفروع، لكنه يحتاج إلى "اتباع" فقط.. (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله) الأنعام: 152.
فلو اتبع الزوجان القرآن الكريم والنسة النبوية المطهرة في حياتهما، وحكّما الشرع في اتفاقهما واختلافهما، وبعدا عن الأهواء التي تحطّم كل شيء لانتهت كل المشكلات، ولنعمت البيوت برضا ربها وشملتها رحمة الله التي وسعت كل شيء، لكن المهم (فسأكتبها للمتقين).
يختلف الزوجان على أشياء يمكن الاتفاق عليها، وحلها ليس صعباً، فاختلاف الطباع مثلاً لا يعني أنه –أو أنها- على خطأ، فالاختلاف سنة الله في الأرض.. يعني إن كانت الزوجة من النوع الذي لا يصبر، فيجب التعامل معها خطوة خطوة.. فالعلم بالتعلّم والحلم بالتحلّم، والصبر كذلك بالتصبّر، فاصبر عليها.
وأنتِ –عزيزتي الزوجة- إن كان زوجك غيوراً مثلاً فلا تضيقي ذرعاً بهذه الغيرة، بل احمدي الله عليها لأنها بدافع الحب والخوف عليكِ فأنتِ شرفه الذي لابد أن يصونه.
تضيقين –عزيزتي الزوجة- من غيابه عن البيت.. اصبري على ذلك، فلمن يكد ويتعب؟.. وعلى من ينفق دخله؟!
كوني له مشجعة، ناصحة، سنداً، يعتمد عليه في هذا الغياب.. اجعلي بيتك نظيفاً ومرتباً.. وتهيأي لاستقباله بعد العودة متعباً من العمل.. أريحيه بالكلام الطيب، والرائحة الطيبة، والتلطّف معه.. وما أحلى نصيحة الأم الغالية لابنتها قبل الزواج التي قالت ضمنها: "كوني له أمَة يكن لكِ عبداً.. لا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح".
الكلمة الطيبة صدقة.. أريحي باله، أزيلي عنه العناء، ابتسمي في وجهه، فإن كان التبسم في وجه الأخ صدقة فللزوج من باب أولى.
تضيق –عزيزي الزوج- من جزعها، من سلبيتها، من اندفاعها.. اصبر –يا أخي- فالمرأة خُلقت من ضلع أعوج، وجزعها مرتبط بتكوينها الرقيق الذي لا يتحمّل، ورد فعلها الذي لا يعجبك –أحياناً- فطري مرتبط بكونها أنثى وأماً.. فكل ميسّر لما خُلِق له، فاستمتع بها على عِوجها، ولا تنتظر منها الحكمة الدائمة، فهي تتصرف بتلقائية لا دخل لها فيها.. فروّضها كي تروق لك، وانصحها فالدين النصيحة.. والله عز وجل يقول: (وقولوا للناس حسنا) البقرة: 82.. والزوجة من باب أولى، فهي أغلى الناس.
محمد عبدالمعز