وقفة مع النفس

وقفه مع النفس

الناس فى الدعوة إلى الحق صنفان، صنف استل قلمه وألهب المشاعر وحرّك المياه الراكدة بكلمات عميقة بليغة.. وصنف لم يختصه الله بتلك الموهبة، ولكنه يملك العزيمة التى تحوّل الكلمات إلى عمل خالص، يحمل فى ذاته نموذجاً يحتذى به الآخرون.. المشكلة فى مصر أنها حبلى بالصنف الأول من الناس، فلم تعقم الكتاب والمفكرين فى أى وقت، ولكنها لم تعد تنجب الكثيرين ممن يرتقون بالكلم إلى مرتبة العمل.
و«الإيمان ما وقر بالقلب وصدّقه العمل»، وخلاف ذلك إما فيض مشاعر يصب فى بحر ملح أجاج لا يروى أحداً، وإما عملاً ميكانيكياً أجوف لا منهج له ولا إخلاص فيه.. إذا أردت التثبت من هذا الزعم فهب أن أحداً ولد فى مصر بعد ألف عام من اليوم، ثم عاد فى آلة الزمن إلى عصرنا الحاضر، ثم أخذ هذا العائد من المستقبل يفتش فى صحفنا وكتبنا وإنتاجنا الفكرى قاطبة، ولا يعرف عن التاريخ إلا ما يقرأه فى هذه الكتب. حتماً سوف يظن أننا أمة من «نحل» لا تكل ولا تمل فى نقد عيوبها، وشحذ الهمم والدعوة إلى الحق والعدل والمساواة، وذلك طبعاً بافتراض أن صفحات الأخبار منزوعة من تلك المصادر.
ولكن لو قدّر لهذا الرجل أن يعرف كيف استجاب الناس لكتابات الدكتور حسن نافعة مثلاً أو لصرخات الأستاذ سليمان جودة، أو لمكعبات الأستاذ مجدى الجلاد، أو لتحذيرات ونبوءات الكاتب الراحل مجدى مهنا أو لغيرهم من كتاب «المصرى اليوم»، لاستنتج على الفور أحد أمرين، إما أن الشعب المصرى لا يقرأ أبداً وهذا صحيح إلى حد بعيد باستثناء صفحات الرياضة! أو أن هذا الشعب كله كتاب وفلاسفة وليس فيه عمال أو زرّاع، بخلاف مجلس الشعب، أو مهنيون أو مدرسون أو طلاب.. أو غير ذلك من الفئات، وهذا أهون الاستنتاجين..
صحيح أن كثيراً ممن يدونون آراءهم يعملون بجد وإخلاص فى مجالات تخصصات أخرى بخلاف الكتابة. وصحيح أن ممن لا يملكون الأقلام نفراً يعملون أيضاً بهدى وروح ما يكتبه مبدعوهم، ولكن أولئك وهؤلاء هم قطر من فيض، تموج به مصانعنا ومدارسنا وجامعاتنا وشوارعنا وقرانا وحواضرنا ومصالحنا الحكومية من السلبية و«الأنامالية» والفساد والإفساد.. أدعو نفسى وإياكم أن نقرأ أو نكتب ثم نعمل، فالعمل هو الشق الأصعب من معادلة الإيمان والإخلاص، والعمل هو الطريق الوحيد إلى النجاة واللحاق بركب الأمم، وغير صحيح أن أبناء هذا البلد الطيب ممن لم تتح لهم فرصة جيدة للتعليم لا حيلة لهم ولا عمل يمكن أن يشغلوه!
فعلى العكس من ذلك فقد ظن أنصاف المتعلمين ممن تخرجوا فى معاهدنا العلمية غير المصنّفة أنهم لن يعملوا إلا ما يحسبوه مناسباً لمهاراتهم وقدراتهم العلمية الجبارة، فكانت النتيجة زيادة أكداس المتراصّين على المقاهى والنواصى، وخلو المصانع والأراضى وكثير من الخدمات المهمة من الشاغلين. أدعو نفسى وإياكم إلى وقفة مع النفس.. ونظرة إلى المستقبل.. وعبرة من الأمس!
مدحت أنور نافععن "المصري اليوم"

مشكور ياستاذ محمد على مواضيعك المميزه دائما تأتى لنا بمواضيع اكثر من راعه
جزاكم الله خيرا
وان شاء نستطيع ان نفهم هذا الموضوع وننظر نظره امامنا حتى يوفقنا الله فى اى عمل لا يغضب الله

السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
مشكور اخى الكريم على المشاركه الرائعه منك اخى الطيب
وشكرا على موضوعك
بارك الله فيك
وبالتوفيق

تسلم الايادى
وقفة مع النفس 491798

مشاركه متميزة

» النفس المطمئنة
» العـــــــــــــــتاب صفاء النفس
» اخر تحليلات علم النفس الحديث تحدث الى نفسك فإنه يخلصك من التوتر
» النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السعادة فيها ترك ما فيها